ساحة السبع بحرات ساحة المصارف الدمشقية.. لكن لها دلالات سياسية
الى اليمين يظهر جامع بعيرة وإلى يساره شارع الباكستان ومن ثم شارع العابد.
وفي الوسط النصب التذكاري الذي كان يتوسط ساحة السبع بحرات ويسمى نصب الكابتن
ديكاربانتري, وفي الأفق تظهر سفوح جبل قاسيون.
ساحة السبع بحرات : أنشئت عام 1925م وسميت بساحة الكابتن ديكاربانتري وتتكون من قبة
وأسفلها سبع بحرات ,اسمها الرسمي حالياً ساحة التجريدة المغربية وأما الاسم الشائع
على لسان الناس هو ساحة السبع بحرات.
جامع بعيرة : أنشأه عام 1938م أبو راشد بعيرة وسمي الجامع باسمه.
شارع العابد : أنشئ في ثلاثيتان القرن الماضي وينسب لرئيس الجمهورية الأسبق محمد
علي العابد.
الكابتن ديكاربانتري : كان قائداً لقوات حرس الهجّانة الفرنسية في سوريا أيام
الاحتلال
الفرنسي ولقي حتفه عام 1925 أثناء تأديته لعمله فأقامت له سلطات الاحتلال
الفرنسي
نصباً تذكارياً مكوناً من قبة وسبع بحرات ضمن الساحة. وبعد جلاء قوات
الاحتلال
عن سوريا هدمت القبة وأبقي على الساحة
على مدى أكثر من نصف قرن اشتهرت ساحة السبع بحرات التي تتوسط العاصمة السورية دمشق
بأنها مركز المال والمصارف ومقر رئاسة مجلس الوزراء السوري، حيث كان يشغل في أحد
جوانبها مبنى ضخما قبل أن ينتقل المجلس منذ نحو سنتين إلى مبناه الجديد في ضاحية
كفرسوسة، إحدى أرقى ضواحي دمشق الجديدة.
ولتبقى الساحة بما تتميز به من جمال في التصميم المعماري والنافورات السبع التي
تضمها (ومن هنا جاء اسمها) والمباني المحيطة بها التي يعود معظمها إلى أواخر النصف
الأول من القرن العشرين المنصرم، من أجمل ميادين وساحات دمشق العامة، ولتحافظ على
موقعها المهم لكونها عاصمة المال والمصارف، ففي أحد مبانيها الجميلة المتميزة
معماريا المطلة على الساحة، يوجد أب البنوك السورية جميعها، أي «البنك المركزي
السوري»، وبجانبه توجد مباني وزارة المالية، وفي الشوارع المتفرعة منها توجد معظم
إدارات البنوك السورية العامة، التجارية وحتى العقارية وغيرها.
ولم تتخلف البنوك الخاصة مع بدء وجودها في سورية منذ السماح لها بالوجود قبل نحو
خمس سنوات عن اللحاق بالبنوك العامة، فحرصت على افتتاح مقراتها وتأسيس إداراتها
بجانب الساحة، وخصوصا في الشارع الذي يتفرع منها ويصل ما بين ساحة يوسف العظمة
(ساحة المحافظة) والسبع بحرات المعروف باسم «شارع 29 أيار»، حتى بات يطلق عليه
الدمشقيون شارع المصارف، حيث تهافتت الكثير من البنوك الخاصة على استثمار مبان
كثيرة وحولتها إلى مقرات لها، ومنها المقاهي كمقهى السياحة الشعبي، الذي تحول قبل
ثلاث سنوات إلى بنك خاص. كما تهافتت في السنوات الثلاث الماضية وبعد السماح لها
بالعمل في سورية مكاتب وشركات الصرافة وتحويل الأموال فأخذت منه مقرات لمبانيها
ومكاتبها لاستقطاب زبائن تحويل العملات الصعبة وصرفها. والسبع بحرات، التي سحبت
البساط منذ أكثر من نصف قرن من تحت قدمي ساحة الحريقة في دمشق القديمة، عرفت في
النصف الأول من القرن العشرين بأنها منطقة البورصة والبنوك. يعود تاريخ تأسيسها إلى
أكثر من 85 عاما وتحديدا إلى عام 1925 في بدايات الانتداب الفرنسي على سورية،
ولتأسيسها حكاية وقصة يرويها المؤرخون ومنهم الراحل قتيبة الشهابي. وتقول الحكاية
إن الساحة أخذت في عام 1925 اسم «ساحة ديكاربانتري» نسبة إلى الكابتن الفرنسي
ديكاربانتري الذي كان قائدا للهجانة (حرس البادية) ولقي حتفه على يد جنوده أنفسهم
نحو عام 1921 فأقيم له نصب يحمل اسمه في الساحة وصمم على شكل قبة وأربع واجهات ذات
أقواس فوق بحرات سبع صممت جميعها على الطراز الإسلامي لفن العمارة. ولكن في عام
1946 وبعد الاستقلال تم هدم النصب للتخلص من آثار حقبة الاحتلال الفرنسي لدمشق,
وأطلق عليها فيما بعد اسم «ساحة 17 نيسان» تخليدا لذكرى جلاء القوات الأجنبية عن
سورية ثم تبدل اسم الساحة بعد عام 1973 إلى اسم «ساحة التجريدة المغربية» تقديرا
لمشاركة القوات المغربية في حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) ضد إسرائيل، ولكن عامة
الناس ما زالت تطلق عليها اسم «ساحة السبع بحرات».
وأهمية الساحة لا تكمن فقط في كونها ملتقى البنوك ومؤسسات المال السورية الخاصة
والعامة، بل تكمن أيضا في موقعها الاستراتيجي حيث ينطلق منها أو ينتهي عندها عدد من
أهم شوارع دمشق التي تعود تواريخ تأسيسها إلى أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول
من القرن العشرين وعددها ستة شوارع، من أهمها «شارع بغداد» بطوله الذي يتجاوز
كيلومترين والذي يربطها بمنطقة القصاع شرقا ويعتبر من أهم شوارع دمشق التجارية
والاقتصادية.
ويضم الشارع عددا من المباني التاريخية المهمة القريبة من ساحة السبع بحرات
كجامع لا لا باشا ومبنى اللاييك وغيرها، وهناك «شارع العابد» الذي فتح في ثلاثينات
القرن العشرين وينتهي بساحة البرلمان في الصالحية وسمي نسبة إلى «محمد علي بك
العابد» وهو أول رئيس للجمهورية السورية في عهد الانتداب الفرنسي خلال الأعوام
(1932 - 1936) ويتميز الشارع حاليا بحركة تجارية نشطة وبوجود واحد من أشهر المقاهي
في دمشق الشعبية (مقهى الروضة) وهناك «شارع الباكستان» الذي ينتهي بساحة عرنوس،
وتأسس الشارع في بدايات القرن العشرين وكان يطلق عليه اسم «شارع المصدراني». وهناك
«شارع الشهبندر»، وافتتح في أربعينات القرن الماضي إبان الحرب العالمية الثانية،
وسمي باسم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر أحد أهم الشخصيات الوطنية السورية، التي
قاومت الانتداب الفرنسي. ومن شوارع ساحة السبع بحرات هناك «شارع جول جمال» الذي
افتتح في خمسينات القرن الماضي ويلتقي مع «شارع بغداد الراجع» «شارع مرشد خاطر» عند
مبنى وزارة المالية الذي أقيم فوق ساحة كان يشغلها «سيرك ومدينة ملاه» فرنسية في
فترة الانتداب. وهناك الشارع الأهم وهو «شارع 29 أيار» (شارع المال والمصارف) وسمي
كذلك نسبة إلى العدوان الفرنسي على سورية في 29 مايو (أيار) 1945 وعلى مبنى
البرلمان في دمشق واستشهاد عناصر حماية البرلمان، والشارع تأسس مع تأسيس الساحة سنة
1925 ووجدت فيه المقاهي ودور السينما والملاهي الليلية.
وفي السبع بحرات الكثير من المباني القديمة والتراثية، ومنها «جامع بعيرة» في
بداية شارعي «الباكستان» و«الشهبندر» الذي بني سنة 1938 ومبنى المصرف المركزي الذي
وجدت في موضعه أيام الانتداب الفرنسي ثكنة عسكرية فرنسية وكان هناك مبنى الشؤون
وديوان المحاسبات وهناك أيضا مبان جميلة بنيت على الطرز المعمارية السائدة في منتصف
القرن العشرين، ومنها مبنى اتحاد الحرفيين السوريين حيث ما زالت توجد فيه بطبقاته
الأربع مكاتب المسؤولين عن الجمعيات التي تعنى بأصحاب الحرف اليدوية والآلية
السوريين، ومبنى «الطابو» السجل العقاري الذي ظل يشغله حتى أواخر القرن الماضي قبل
أن ينتقل إلى مبناه الحديث في «شارع الثورة»، ويوجد في المبنى المطل على ساحة السبع
بحرات في بداية «شارع العابد» عدد من دوائر وزارة الزراعة السورية. وهناك مبنى قديم
يطل على الساحة أيضا من جهة «شارع بغداد الراجع» وتشغله حاليا دوائر مديرية صحة
دمشق، أما الساحة الرئيسية التي تتميز بمساحتها الواسعة وتضاهي كبرى ساحات وميادين
دمشق فهي تشد الزوار إليها من خلال شلالات مياهها المتدفقة بشكل فني جميل ومن خلال
إنارتها وأضوائها الملونة في المساء، حيث تتراقص مياه نافوراتها مع ألوان مصابيحها
الجميلة.