مدينة تدمر

تتوسط تدمر بادية الشام وتقع على بعد 244 كيلومتراً شمال-شرق دمشق، و152 كيلومتر من حمص شرقاً، عند معبر جبلي على سفح جبل المنطار من سلسلة الجبال التدمرية، في حوضة نبع غزير الماء هو نبع أفقا. وقد خلق هذا النبع واحةً خضراء أصبحت مكان استراحة بين العراق والشام، ومحطة للقوافل بين الخليج العربي وبلاد فارس والبحر  المتوسط.

 يعود أقدم ذكر لتدمر باسمها الحالي إلى بدايات الألف الثاني قبل الميلاد، ولا يُعرف لهذا الاسم معنى مؤكد. على أنه من المنطقي والمقبول أن يكون اسمها قد اشتق من «دَمَر»، التي تعني «حَمَى»، في اللهجات العربية من لغات الجزيرة العربية القديمة. وقد تمت تسميتها باللغات الإغريقية واللاتينية واللغات التي تطورت عنهما اسم بالميرا «Palmyra» المشتق من اسم النخيل.

 ظلت تدمر إمارة عربية ذات حكم ذاتي طوال عصر الدولة السلوقية في بلاد الشام، شأنها في ذلك شأن إمارة حمص ومملكة الأنباط في بترا وغيرهم. وقد وتم إلحاق تدمر بالإمبراطورية الرومانية في أواسط القرن الأول الميلادي، وقام رماتها ومختلف قواتها العسكرية بحماية حدود الإمبراطورية الرومانية من الصحارى العربية حتى حوض الدانوب وشمال إنكلترة، وانتقل لتدمر دور البتراء التجاري بعد سقوط دولة الأنباط عام 106م.

 استطاع حاكم الولاية السورية الملك العربي أذينة الذي بدأ حكمه عام 258م بقهر الفرس، ورد قواتهم مرتين إلى عاصمتهم المدائن (طيسفون) في عامي 262م و 267م، وقد تمتع أذينة فيما بعد بكل الألقاب الرفيعة اللائقة، حيث أصبح الحاكم العام في عهد الإمبراطور فاليريان، وحصل على لقب «مصلح الشرق كله» ولقب «ملك الملوك».

 بعد اغتيال أذينة وولي عهده هيروديان في ظروف غامضة عام 267 أو 268م، قامت زوجته زنوبيا بالوصاية على ابنهما وهب اللات واتخذت معه ألقاب الأباطرة، واحتلت مصر والأناضول إضافة إلى بلاد الشام، إلا أن ذلك وضعها في حالة صدام مع الإمبراطور الروماني أورليان، الذي سقطت تدمر بيده عام 272م، وتم أسر الملكة العربية. وقد ظل مصيرها موضع خلاف بين المؤرخين ولكنها تركت قصة حياة رائعة دخلت ميدان الأسطورة.

 أدت نتائج الحفريات الأثرية وأعمال الترميم إلى اكتشاف روعة الأوابد الأثرية التي تحفل بها تدمر من معابد وساحات وشوارع وأعمدة وحمامات ومباني عامة ومن أهم هذه الأوابد: معبد بل، معبد نبو، معبد بعلشمين، معبد اللات، هيكل حوريات الماء، الحمامات، قوس النصر والشارع المستقيم، المسرح، الأغورا، المصلّبة «التترابيل»، معسكر ديوقليسيان، الأسوار، نبع أفقا «الحمام الكبريتي»، القلعة العربية في تدمر، المدافن البرجية، المدافن الأرضية، المدافن البيتية..الخ