مدينة الأتارب



مدينة الأتارب : هي مدينة تابعة لمحافظة حلب في سورية وتبعد عنها بنحو 30 كيلو متر إلى الغرب منها على الطريق المؤدي إلى باب الهوى ( المنفذ الحدودي مع تركيا ) ويبلغ عدد سكانها نحو 35 ألف نسمة كمدينة وأكثر من 75 ألف نسمة كمنطقة يتبع لها نحو 33 بلدة وقرية ومزرعة .ا وتحولت الاتارب من بلدة لمدينة في العام 2007 ويتبع لها 21 قرية و10 مزارع، تجاورها ناحيتا حريتان ودارة عزة من الشمال، وناحيتا قرى مركز جبل سمعان والزربة من الشرق، ومحافظة إدلب من الجنوب والغرب. تتألف من مدينة الأتارب ( مركز المنطقة ) والقرى والمزارع التالية: (المزارع بين قوسين) الأبزمو (القصر) كفر عمة، إبين (المؤيدية)، الجينة (كمالية، نايليه)، كفر نوران، أورم الصغرى (أرناز، مغر البيض، كفر جوم الغربية)، أورم الكبرى، تديل، الشيخ علي، عويجل (عاجل)، القناطر، كفر تعادل، كفر حلب (ميرنار-عصعوص) كفرناها، بابكة، باتبو، التوامة، السحارة، كفر كرمين، كفر ناصح، معارة الأتارب.

أما في التاريخ "الأتارب" من الأصل العربي الأثارب، و هي حسب ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان من أثرب من الثرب، وهو الشحم الذي قد غشي الكرش وهي في السريانية "Litareb ليتارب" و تعني بيت الشحم ، و قد ذكرت الأتارب في الكتابات الآشورية "إليتاربي Ellitarbi "، و يرجع تاريخها إلى الألف الخامس قبل الميلاد (حسب آخر الاكتشافات الأثرية ) و كانت أحد المراكز التسعة عشر التابعة لمملكة حماة الآرامية و سميت في الكتابات الابلائية باسم" دارب Dareb " ، و دعاها الإغريق "Litarbe ليتاربي "، ودعاها الصليبيين "سيريب Cerep "، و سماها العرب " الأثارب " ، و هي الأتارب في أيامنا هذه 0 

والأتارب تميزت عبر التاريخ بموقعها الهام على الطريق الرومانية من حلب إلى إنطاكية حيث إنها تبعد ثلاثة فراسخ عن حلب و مثلها عن أيبلا و مثلها عن قنسرين و مثلها عن الروج و كتلة جبل الزاوية ، و تزيد على ذلك قليلاً عن إنطاكية ، ( فرسخ = 10 كم تقريبا ً ) و الأتارب ترتفع عن سطح البحر 100متر ، و يتبعها إحدى و عشرين قرية و عشرة مزارع والعديد من المواقع الأثرية الهامة مثل: دير سمعان و قلعتها و دير عمان و دير الباسوس و دير جبل السرير.

مما قاله ياقوت الحموي عن الأثارب (في كتابه معجم البلدان ) هي قلعة معروفة بين حلب و إنطاكية … و هذه القلعة الآن خراب و تحت جبلها قرية تسمى باسمها .
و قد اشتهرت الأثارب بزيتها القديم الذي كان يصدر منه إلى البلاد العربية و الاجنبية ، و كما تميزت الأثارب بزيتونها الذي قال عنه ابن العديم أنه ليس كمثله إلا في بلاد فلسطين و تينها الفاخر و أعنابها التي تشهد بروعتها الأشعار الرومانية و لا سيما أعناب قرية كفركرمين المجاورة للأتارب .
وفيها قال الشاعر محمد بن صغير القيسراني :
عرجا بالأ ثارب كي أقضي مآربي
واسرقا نوم مقلتي من جفون الكواعب
واعجبا من ضلالتي بين عين و حاجب

و الأتارب عرفت منذ أقدم العصور و يذكر أن عشرة من ملوك ايبلا دفنوا بالأتارب و كانت تقدم فيها الأضاحي لهؤلاء الملوك وهم : ( أيركب دامو ، اينار دامو ، ايجريش خالام ، با دامو ،آدوب دامو، أيبس دامو ، كوم دامو ، آغور ليم ، ايشار ملك ، آبور ليم ) ، و فيها نزل الإمبراطور جوليان في آذار سنة /363/ م في حملته على فارس ، و في الفترة المسيحية البيزنطية انتشر العموديين في الأتارب و قراها و أهمهم (مار سمعان الكبير و مار يوحنا الأثاربي ) ، وفيها ولد مار يوحنا الاتاربي في أول الفتح العربي وقد كان يتكلم اللغة العربية و اللغة السريانية ،و كان قادة العرب و شعراءهم يقصدون دير الأتارب كثيراً فيستقبلهم يوحنا و يحسن ضيافتهم و قد انتخب رئيساً للرهبان و صعد على العمود و قضى في أعلاه حياة زهد و تقشف و قد اشتهر بالتاريخ و علم الفلسفة و علم اللاهوت له مصنفات و مراسلات وقد توفي عام 737 و مكان عموده يقع في الزاوية الجنوبية لثانوية الأتارب العامة ، و كان للدير ثلاث آبار كبيرة منها البئر التي تعرف إلى أيامنا بجب العمود ، و في العصر الإسلامي كانت الأتارب ثغراً هاماً من ثغور الشام و الخط الدفاعي الأول عن حلب 
احتلها الصليبيون عام 1099م ، و قد تم احتلالها من قبل الفرنج و تحريرها من قبل المسلمين عدة مرات بين عامي/504 –532 /حتى تم تحريرها نهائياً على يد عماد الدين الزنكي سنة /532/ هجرية و لم تعد للفرنجة بعدها أبداً،وقد تعرضت الأتارب لزلزال شديد في العام /533/ هجرية /1136/م .
والى الأتارب ينسب أبو المعالي محمد بن هياج الأثاربي الأنصاري من الأعيان، و حمدان بن عبد الرحيم التميمي الأثاربي الحلبي الطبيب والشاعر والمؤرخ وهو من ولد حاجب بن زرارة التميمي وله تاريخ سماه " القوت".