مدينة الزبداني


الزبداني هي مدينة ومصيف سوري وأقدم وأشهر المصايف العربية، تتبع المدينة محافظة ريف دمشق ومنطقة الزبداني، وتقع على مسافة 45 كم شمال العاصمة دمشق. وتمتد المدينة في سفوح الجبال وتشرف على سهل رائع هو سهل الزبداني. ارتبط تاريخها بأقدم عاصمة في التاريخ دمشق، وتقع على الطريق العام الذي يربط دمشق بالساحل والشمال، في وسط المسافة بين دمشق وبعلبك، في وهدة جبلية في سلسلة الجبال السورية، حيث ترتفع عن سطح البحر ما بين 1,150 و1,250 متراً. وتقع الزبداني في المنطقة نصف جافة إلى نصف رطبة، بمعدل أمطار يبلغ 500 مم في العام. تحدُّها سلسلتان جبليتان، هما جبل سنير من الغرب وجبل الشقيف من الشرق، ويتوسَّطها بساط أخضر يشكل سهل الزبداني.
تحيط بالمدينة مجموعة من البلدات والقرى، وهي: بلودان وبقين ومضايا والروضة، وتنبع من جنوبها مياه بردى رقراقة تمد دمشق وغوطتها بالماء. كما تكثر الينابيع في الزبداني، فمنها نبع العرق والكبري والجرجانية، وتتنوع فيها الثمار وأشجار الفاكهة من تفاح الزبداني والإجاص والخوخ والدراق والجوز والتين والعنب وغيرها.
تسمى بـ"زبداني"، بكسر الزاي وسكون الباء، وتُلفظ أيضاً بفتح كليهما، وهذا هو الأصح، لأنه منقول عن أصله الآرامي، وأما الياء الأخيرة في الكلمة فلقد وردت مخففة لا مشدَّدة. أصل الكلمة الآرامي (السرياني) كان على صيغة الجمع "زابادوناي" (ZABADONAY)، ثم نقلت إلى اليونانية في القرن الرابع قبل الميلاد باسم "زابادوني" (ZABADONY)، والأصل في اللغة الآرامية والسريانية ثم العربية واحد، والمفرد منها "زبد"، ومعناه اللب أو لب الخير وخلاصته، فدخلت إلى اللغة العربية بنفس اللفظ والمعنى.لكون هذه الكلمة مقدسة عند الآراميين فلقد أوجدوا لها إلهاً، وصنعوا له تمثالاً عبدوه وبنوا له المعابد والهياكل وجعلوه ابن الشمس (الإله الأكبر)، ويُسمَّى عندهم "إيل"، فسموه "زبدئيل"، وتسمى بهذا الاسم الكثير من ملوك آدم وملوك الأنباط وملوك تدمر. وما تزال بقايا هذا الاسم في عدد من مناطق الوطن العربي، فهناك "زيدل" في لبنان غربي شتورة، و"ربدئيل" في العراق، و"زبدان" في الجزيرة السورية على نهر الخابور، و"ربلان" في اليمن، وهناك أيضاً جبل زاباد
في عام 1935 بلغ عدد سكان الزبداني 6,317 نسمة. وقد قدر عدد سكان قضاء الزبداني (الذي كان يَشمل 24 قرية) حسب إحصاء النفوس في عام 1954 بحوالي 26,514 نسمة، وأما عدد سكان المدينة نفسها فقد قدر بحوالي 8,307 نسمة. في عام 1965 وصل عدد سكان المدينة إلى 11,750 نسمة، وفي إحصاء عام 1995 ارتفع العدد كثيراً ليَبلغ 23,877 نسمة، وأما القضاء فقد بلغ سكانه 90,830 نسمة، وبعدها بثلاثة أعوام، وفي عام 1998 بلغ عدد سكان المدينة الزبداني 24,577 نسمة، منهم 12,157 ذكور و11,723 إناث. وقد بلغ معدل الولادات في العام نفسه 450 حالة ولادة سنوياً، فيما بلغ عدد الوفيات 90 حالة سنوياً. وفق إحصاءات الجسل المدني، بلغ عدد سكان مدينة الزبداني في نهاية عام 2006م نحو 29,930 نسمة، بينما يَرتفع عدد قاطنيها في الشتاء إلى حوالي 60,000 نسمة، وفي الصيف يصل العدد إلى 100,000 نسمة.
في نفس مكان وموقع المدينة الحالية كانت مدينة الزبداني الآرامية القديمة مدفونة تحت المدينة الحالية والعديد من اثارها موجوده في أماكن متفرقة من الزبداني الحالية. ومن 
أبرز وأهم آثار المدينة:
في نفس مكان وموقع المدينة الحالية كانت مدينة الزبداني الآرامية القديمة مدفونة تحت المدينة الحالية والعديد من اثارها موجوده في أماكن متفرقة من الزبداني الحالية. ومن أبرز وأهم آثار المدينة:
بردى (قنوى) ورد هذا الاسم في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي (عام 1228م)، وكلمة "قنوى" هي اسم آرامي قديم معناه القصب، وأصله "قنا"، وقد ذكرت هذه البلدة الصغيرة في تواريخ السريان ومنهم ميخائيل الكبير (بطريرك اليعاقبة - عام 1200م). وقيل أنه كانت لنهر بردى ينابيع متقاربة، تنبجس من الصخور في سفح الجبل وتؤلف في المنبسط الذي أمامها بحيرة واسعة هي بحيرة بردى، تكتنف شواطئها أدغال من الأقصاب، وتعيش فيها الحيوانات المتوحشة. فبنى الآراميون في الزبداني الذين كانوا ينتفعون بتلك الأقصاب أكواخاً على شاطئ البحيرة سمُّوها "قنا"، وكانوا يقيمون فيها أيام العمل، ثم تحولت الأكواخ إلى بيوت دائمة. وبحادث جيولوجي صار انهيار من الجبل على النبع والبحيرة، بأبعد مكان تدفق الماء من النبع إلى المكان الحالي، وأصاب البلدة، ولم يبق إلا على قليلها.
السفيرة تقع غربي الزبداني على سفح الجبل واسمها آرامي (شفيرا)، وله عدة معاني شجر النهر ـ عصفور جميل ـ كان يوجد بكثرة في ذلك المكان، وموقع السفيرة عبارة عن مساحة واسعة من الأرض ملأى بالأساسات والأنقاض القديمة من آرامية ويونانية، وقد خربت قبل الفتوحات الإسلامية، وفي موقع من السفير هضبة عالية تسمى (شحرايا) باللغة الآرامية ومعناها (السواد) وهي عبارة عن مغاور وكهوف لقبور قديمة، وكان يوجد فيها عدد من التماثيل من الحجارة، كتب على قطعة منها اسم (زاباد) بالآرامية.
الكبرى شمال الزبداني يقوم نبع العرق ودير النحاس، وهناك كان يوجد معبد آرامي قديم كان متصدعاً، ولما استولى الإغريق على سوريا بنوه واستعملوه، ويظهر أنهم عملوا بقربه معمل نحاس أو اكتشفوا وجود النحاس بقربه، فسموه بلغتهم "كيبري" (Kypri) ومعناها النحاس وفي أرض الكبري، وهي مكان مصيف الفردوس حالياً، وقد وجد أحد الفلاحين قطعة من الفسيفساء تلقت بين يديه وهو يحفر الأرض وينقبها بعدَ ذلك في عام 1929م.
قلعة الكوكو اسم يوناني "Kokkos"، ومعناه "الحبوب"، حيث يوجد في هذا المكان معبد يوناني لإله الحبوب، وفيه كثير من بقايا العواميد المكسورة والقواعد الحجرية، وحجارة ضخمة مبعثرة عليها كتابات يونانية، وفيه كذلك بقايا لمعصرة زيت ومعصرة عنب منحوتتين في الصخور، وبقايا مغارات في كل منها ستة قبور قديمة. وينتهي المعبد المنحوت في الصخر بشق واسع فيه موضع للأصنام، وتُوجد على سقفه كتابات يونانية دراسة، وأمامه بقايا أعمدة على إحداها كلمة ممسوحة باليونانية هي "كوكوس"، وكلمة ثانية هي "سولالاس" (Solalas)، وهي اسم لراعي غنم يوناني ورد في الميثولوجيا القديمة كان مغرماً بآلهة الشعر اليونانية الجميلة "زاراهو" (Zaraho). وعلى عمود آخر توجد كتابة يونانية هي "Zabadony -Teos -Todros"، ومعناها الإله زاباد هبة الشمس.
دير القديس يوحنا المعمدان كان هناك دير القديس يوحنا المعمدان، وهو في الأصل دير مسيحي مع كنيسة كبيرة تحول إلى مسجد بيما بعد، وكان يقع في وسط البلدة، مكان الجامع الكبير "جامع الجسر"، وما تزال منه بقايا حجارة ضخمة وزخارف ورموز كنيسة مسيحية قديمة منها إشارة الصليب المقدس ومنحوتة على شكل القربان المقدس.
موقع دير النحاس توجد في موقع دير النحاس بقايا معبد آرامي من أعمدة وغيرها، كان يُسمَّى فيما مضى معبد الإله "زابادوني"، وهو اسم المدينة.
خربة الدلة تقع بين الزبداني ومصيف بلودان، مساحة من الأرض ذات آثار يونانية تدل على اسم "دالي" (Daly). وفيها بقايا مدفونة من الآثار، ولهذا الاسم أشباه عديدة في جزيرة قبرص ومدينة في جنوب اليونان في ولاية أيليزوس، وله أهمية خاصة.
آثار أخرى يلاحظ أن معظم البيوت القديمة بنيت حجارة أساساتها من بقايا الحجارة المنحوتة التي كانت مبعثرة في المنطقة لمعابد وأديرة مختلفة، وفي وادي قاق، كان يوجد دير وبالقرب منه كنيسة لا تزال بعض آثارها باقية. وفيه عدد من قطع الحجارة الضخمة كانت تقتطع وتنقل إلى بعلبك لبناء قلعتها. وهناك مجموعة من المواقع في سفح الجبل الغربي للزبداني، كانت تقوم فيها بعض القلاع القديمة، أو أنها سميت قلاعاً لارتفاعها، وتُسمَّى حالياً "قلعة التل" و"وقلعة الزهراء" في الشمال الغربي، و"قلعة عبد الله" غرب نبع بردى. وفي شمال البلدة وقرب نبع العرق، توجد أساسات لأبنية ضخمة منتشرة هناك وكان من بين تلك الحجارة، حجر يصل طوله إلى سبعة أمتار وعرضه وارتفاعه إلى متر واحد وكذلك قاعدة عمود تبلغ المترين علواً والمتر المربع تربيعاً وقطع أخرى حجرية تآكلت بفعل العوامل الطبيعية. هناك أيضاً مواقع أثرية لم يبق منها إلا الاسم وبقايا حجارة مدفونة بفعل السيول وانجراف التربة. تُوجد أيضاً في الزبداني أثار لدير قديم في أراضي "العرق"، لكنها قليلة جداً، كما توجد فيها بعض الأعمدة والقطع الحجرية الضخمة، تقع في أساسات بعض البيوت القديمة التي بنيت فوقها الجدران.