مجلة روسية تكتب عن معالم سورية وإغراءات السياحة

قالت مجلة (تور بزنس) الروسية المتخصصة في شؤون السياحة: إن سورية هي موطن الحرير وأهم نقطة على طريق الحرير العظيم وإن عاصمتها دمشق هي أقدم وأعرق مدينة في التاريخ وإن حلب هي المدينة الثانية في سورية ولا تقل عراقة عن دمشق بينما لا يزال أهالي معلولا المنقوشة في الصخر يتكلمون الآرامية لغة المسيح حتى اليوم.
وتحدثت المجلة في عددها الأخير بالتفصيل عن عروس الصحراء مدينة تدمر الأسطورية التي سطرت صفحة ناصعة في التاريخ العالمي بفضل ملكتها الشجاعة والمحبة للحرية زنوبيا التي تحدت روما بعظمتها، وكتبت المجلة كذلك عن الشاطئ السوري ومدينة اللاذقية التي تنمو فيها بسرعة مجمعات فندقية فاخرة. ‏

وأكدت المجلة الروسية أن الاعتماد على الصحافة العالمية والدعاية المدروسة لتقديم سورية كوجهة سياحية جديدة مبرر تماماً، ففي أوروبا وأميركا والشرق الأقصى، وحتى في روسيا التي تقيم على مدى أكثر من نصف قرن علاقات سياسية وتجارية اقتصادية وثيقة مع سورية، قليلاً ما يعرفون عنها بوصفها بلداً يقدم برامج سياحية ممتعة جداً ومنتجعات ساحلية جيدة وأمكنة رائعة للتسوق مع تأكيد استقرار الحالة الأمنية وطيبة الشعب السوري الذي يرحب بالزوار والسياح الذين لا يتعرضون للكذب والخداع أو السرقة في هذا البلد المضياف الذي يتميز بذلك عن غيره من بلدان كثيرة. ‏

ووصفت المجلة سورية بأنها جوهرة سياحية حقيقية ولكنها لا تزال تبدو كحجر ثمين غير مصقول لسبب واحد فقط هو أنها لم تجد بعد الصقل الإعلامي العالمي الكافي والمؤهل. ‏
وبالمقابل فإن البلدان العربية الأخرى تعرف سورية حق المعرفة ويقبل السياح العرب بأعداد كبيرة للاستراحة والاصطياف فيها وليس فقط من أجل زيارة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية التي تزخر سورية بها ولم يكن من قبيل المصادفة أن مواطني البلدان العربية الأخرى شكلوا أكثر من نصف عدد السياح الذين زاروا سورية خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2010 وجاء معظمهم من الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وعمان ومصر كما ازداد عدد السياح من تركيا وإيران اللتين وقّعت دمشق معهما اتفاقيتين حول إلغاء سمات الدخول وازداد بنسبة 72 بالمئة تدفق السياح من الصين وبنسبة 48 بالمئة من أوروبا الغربية وبنسبة 36 بالمئة من روسيا بالمقارنة مع السنة السابقة، علماً بأن كثيرين من السوريين الذين تلقوا تعليمهم في الاتحاد السوفييتي وروسيا تزوجوا من فتيات روسيات ويتراوح تعداد الجالية الروسية في سورية حالياً بين 17و20 ألف شخص. ‏
وأعربت المجلة عن رأيها بأن عدد السياح من روسيا إلى سورية لا يزال قليلاً بسبب عدم الدعاية في وسائل الإعلام الروسية للسياحة في سورية وعدم معرفة الروس للإمكانيات الهائلة التي تتيحها سورية أمامهم حسب اعتقاد يلينا رابي المدير التجاري لشركة (نيوز ستارت ترافيل) السياحية الروسية. ‏
لقد وصلت موارد سورية من السياحة في العام الماضي إلى مبلغ 9،4 مليارات دولار أي ما يشكل نسبة 23 بالمئة من مجموع إيرادات الدولة بالعملة الصعبة ويقول وزير السياحة السوري سعد الله آغة القلعة: إن سورية تستثمر حالياً حوالى 3 مليارات دولار في مشاريع سياحية جديدة وسنزيد باستمرار استثماراتنا في هذا القطاع ونأمل بمضاعفة الواردات منه خلال عشر السنوات القادمة. ‏
كذلك يبدو متفائلاً جداً التقييم الذي تتوقعه منظمة السياحة والسفر العالمية لتطور السياحة في سورية إذ حددت هذه المنظمة نمو القطاع السياحي السوري بنسبة 9،4 بالمئة وتوقعت أيضاً أن يصل الدخل السنوي لصناعة السياحة في سورية إلى 7،7 مليارات دولار حتى العام 2019. ‏
وأكدت المجلة أن الاعتماد على تطوير قطاع السياحة جرى ضمن أُطر عملية التحديث الاقتصادي الواسع التي بدأت في سورية مع وصول الرئيس بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، حيث طرأ التحسّن على المناخ الاستثماري وازدادت فعالية الموارد المالية وبدأ استخدام التكنولوجيات المتطورة بصورة فعّالة وتمثلت نتيجة ذلك أيضاً في تحديث القطاع الفندقي وظهر العديد من مقاهي الانترنت في شوارع المدن السورية وازداد تعلم اللغات الأجنبية بين الشباب. ‏

إن سورية تقدم حالياً إمكانيات كبيرة وواعدة أمام الاستثمارات في القطاع الفندقي حيث تشير معطيات المجلة البريطانية المعروفة في عالم السياحة (THE British Middle East Hotels) إلى أن نسبة امتلاء الفنادق السورية تبلغ 92 بالمئة ومن الصعب جداً أحياناً العثور على غرفة في فندق من دون حجز مسبق ولاسيما في دمشق وحلب واللاذقية. ‏

ولقد شرعت الشبكات الفندقية العالمية بالاستثمار في سورية وكما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) فقد افتتح في دمشق مطلع العام 2010 أحد عشر فندقاً جديداً في المركز التاريخي للمدينة بعد ترميم وإعادة تصميم المباني المعمارية الجميلة بمبلغ 22 مليون دولار ضمن أُطر برنامج الحفاظ على دمشق القديمة. ‏
ومع ذلك فإن القطاع الفندقي لا يزال غير كاف في سورية بعد ولا يستوعب الأعداد المتزايدة من السياح الراغبين بالقيام في جولات اطلاعية والاستراحة والاستجمام فيها ولا تزال محدودة بعد إمكانيات الاستراحة الشاطئية في سورية بغض النظر عن الظروف المناخية المواتية جداً والتي هي عملياً موازية للظروف المماثلة في اليونان وقبرص ومن الممكن تحديد موسم السياحة عند الشواطئ السورية من نهاية شهر تشرين الأول ولذا فإن الغلبة لا تزال حتى الآن هي للسياحة الأثرية والدينية في سورية. ‏
إن عالم العاديات والأثريات الفرنسي المعروف أندريه بارو، الذي قام بحفريات أثرية في سورية على مدى 35 عاماً، وترأس مدة تسعة أعوام اللجنة الحكومية الفرنسية للحفريات الأثرية وأصبح مديراً لمتحف اللوفر في باريس عام 1968، قال جملته الشهيرة التي أصبحت على كل شفة ولسان: «إن لكل إنسان مثقف في العالم وطنين هما وطنه الأم وسورية».. ‏

ويقتنع بحكمة وعدالة هذه الكلمات كل من يزور سورية التي هي مهد الحضارة البشرية والأرض التي بشّر فيها القديس بولص بتعاليم المسيح وقتل فيها قابيل أخاه هابيل وأنزل الرب الصاعقة لشق الصخرة أمام إيليا النبي لإنقاذه من ملاحقيه حيث يحتضن الجامع الأموي في دمشق رفاة النبي يحيى حنا المعمدان. ‏